[size=21][b][/b]
هل انت بكّاءاً من خشية الله
أخي الحبيب ..هل بكيت خشية من الله سبحانه وتعالى ؟ .. هل رأيت كثير ذنوبك
فسكبت الدمع ندماً وتندماً وحياءً من الله ؟ .. هل نظرت إلى تقصيرك في
الصلوات الخمس فحزنت لذلك وسكبت دموع الأسف والحياء من الله ؟ .. هل تأملت
عناية الله ورحمته بك وحفظه لك وإمهاله لك في الوقت الذب أنت عنه مُعرض
فحزنت لحالك هذا وذرفت دموعاً من خشيته ؟ .. هل تأملت عذاب الله يوم لا
ينفع مال ولا بنون فحسبت لذلك حساباً وأعددت لذلك عُدة وسكبت دمعاً من خشية
الله وخوفاً من عذابه وعقابه ؟ .. هل نظرت إلى كتاب الله الكريم فوجدت
نفسك هاجراً له فحزنت وبكيت على تقصيرك خشية من ربك ؟ .. هل نظرت إلى حقوق
العباد عليك فوجدت تقصيراً ، فأخذك الهم والحزن فسكبت الدمع برهاناً لله
على أسفك وندمك على تقصيرك في حقوقهم ؟ .. هل فكرت في دعوة لله وشرف العمل
لها ، فوجدت نفسك مقصراً غيرُ إيجابياً فحزنت لذلك وذرفت الدمع حزناً وخشية
من الله ؟ .. هل سمعت آيات العذاب تُقرأ أمامك وعلى مسامعك فخررت مغشياً
عليك دامعاً من خشية الله تعالى ؟ .. هل سمعت آيات النعيم والجنان والقرب
من الرحمن فتأثرت وراحت نفسك تسرح في نعيم جنات الله وزاد شوقك وتأججت
رغبتك ، فذرفت دموعاً صادقات من خشية الله طمعاً في جنته ورضوانه ؟ .
بكاء النبي وخشيته ومتابعة الصحابة له :
روى أبوهريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، ولا يجتمع
غبار في سبيل الله ودخان جهنم " رواه أحمد والترمذي .
عن أنس – رضي الله عنه قال : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه
شيء ، فخطب فقال : عُرضت عليّ الجنة والنار ، فلم أر كاليوم في الخير والشر
، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً " قال : فما أتى على
أصحاب رسول الله يومٌ أشد منه ، قال : فغطوا رؤوسهم ولهم خنين " متفق عليه
، أي بكوا بكاءً شديداً .
وكم بكى النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً وسالت دموعه كثيراً ، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
قال عبد الله بن الشخّير – رضي الله عنه - : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم
وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء " رواه أحمد والترمذي .
ولما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم دمعت عيناه وبكى رحمة
له وقال : تدمع العين ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بك يا
إبراهيم لمحزونون " متفق عليه .
وبكى لما قرأ ابن مسعود عليه سورة النساء .
وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته .
وكان يبكي في صلاة الليل .
• قال بعض السلف : ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا ( زاد المعاد ) .
• كان عثمان بن عفان – رضي الله عنه – إذا وقف على قبر يبكي حتى تخضل لحيته من البكاء .
• كان علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – يقبض على لحيته ويبكي بكاء الخاشع الحزين .
• كان عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – يطفئ المصباح بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عيناه .
• بكى ثابت البناني حتى كاد بصره أن يذهب ، فقيل له : نعالجك على أن لا تبكي ، فقال : لا خير في عين لا تبكي .
بكى الباكون للرحمن ليلاً
وباتوا دمعهم ما يسأمونا
بقاع الأرض من شوقي إليهم
تحنّ متى عليها يسجدونا
• قيل لعطاء السلمي : ما تشتهي ؟ فقال : أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي .
• كان عبد الواحد بن زيد يقول لعتبة : أرفق بنفسك فيبكي ويقول : إنما أبكي على تقصيري .
صفات البكاء الحق :
1- هو بكاء الضعف والخوف ، ضعف وخوف من الله لا من غيره .
2- هو بكاء القلب والعين معاً لا بكاء العين فقط .
3- هو بكاء التصحيح للنفس والأخذ بها إلى الأهداف السامية والنبيلة .
4- هو بكاء يزيد معه وبه إيمان المسلم ويكون من خشية الله .
5- هو بكاء يُقرب العبد من السماء ويجعله يحلق فيها .
6- هو بكاء الصدق مع الله والإخلاص لله لا اصطناع فيه ولا رياء .
7- هو بكاء البيعة معه تتجدد مع الله ومع الرسول ومع القرآن .
8- هو البكاء الذي يُعيِّش صاحبه في آفاق الجنان فيزداد الشوق إليها والحنين ويصوّر النيران أمامه فتحدث الرعشة في الجسد والارتجاف .
دعاء :
اللهم ارزقنا دمعات صادقات من خشيتك تمحي بها ذنوبنا ، وترحم بها ضعفنا ، وتجبر بها كسرنا ، وتحقق بها أسمى أمانينا .
اللهم ارزقنا دمعات صادقات ننل بها حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك .
اللهم ارزقنا دمعات صادقات تجلي بها قسوة قلوبنا ومرض نفوسنا وخراب ضمائرنا .
اللهم ارزقنا دمعات صادقات تكون لنا شاهدات يا ربنا يا عظيم المكرمات .